رواية زوجة ولد الأبالسة الفصل الثامن عشر 18 بقلم هدى زايد

 

رواية زوجة ولد الأبالسة الفصل الثامن عشر 18 - بقلم هدى زايد

اجهش الجد سالم و لاول مرة بالبكاء و كأنه طفلًا صغيرًا، لم يتحمل سرد ما تبقى من حكاية الجد حسان فتولى رجب سرد الجزء الأسوء حين قرر الشيخ المرعي فعل الفاحشة


مع وجيدة ابنة حسان حتى يسخر الجا ن


لقد فقد ما تبقى من عقلٍ و قلبٍ بعد مو ت ابنته ختمت حديثه قائلًا بهدوء


– كل ديه چدي ما حضرو ش اللي شافت الحكاية ديه أم عُمر و چات حكت لچدي و أمرته يمشي من الدار و عشان يحافظ على حاله و بعدها حُصُل اللي الكل مكانش يتخيله و لا حتى في احلامه


سألت خديجة بنفاذ صبر و دموعها لا تتوقف ابدًا


– حصل إيه تاني في إيه تاني لسه الناس دي مفكرتش تعمله


رد بشار و قال لم تتوقعه ،منه:


– چدي حسان هو اللي جـ طـع رچل وچيدة بت عمي اللي في الاساس بته من رجاصة في الموالد


انهارت خديجة بعد استماعها لهذا الكم من الإعترافات التي لا حصر لها، و ضعت رأسها بين كفيها و قالت بصراخ:


– كفاية ابو س ايدكم كفاية، مش قادرة اسمع أكتر من كدا أنا قر فت من نفسي و منه و مش قادرة استوعب أكتر من كدا


نظر رجب لـ بشار ثم قال بجدية قائلًا:


– لازم تسمعي و تعرفي كل حاچة عشان الفترة الچاية اللي چاي واعر جوي و حسان ما هيخليش فرصة غير لما يستغلها زين و لازم أنت و چبل تمشوا من اهنى


نظرت لـ جبل الذي تبادل معها في نفس الوقت تلك النظرة الذاهلة عادت ببصرها له و قالت باستفهام :


– نمشي نروح فين ؟


رد رجب و قال:


– في مقان امان بعيد عن اهني و متحصن الفترة الچاية الهچوم بجى كيف المطر، الاول كان مچرد رسايل لكن دلوجه الضرب في المليان و أنتِ و چبل نقطة ضعف بشار و طول ما إنتوا اهني محدش ها يعرف يحمي الدار ديه


ردت خديجة بنبرة متحشرجة قائلة


– و أنا مش هاسيب بشار لوحده ابدًا، إنتوا ممكن تبعدوا جبل لكن أنا لأ فاهم يا بشار أنا لا


❈-❈-❈


داخل غرفة عُمر و شمس حدثها عن كل شئ حدث في حياته عرفت الصغيرة و الكبيرة، كم أسعدها هذا الشئ و لأول مرة تشعر بأنها ز و جته حقًا بدأت تتناقش معه في أموره الشخصية، كان يستمع لها يعارضها و يوافقها أحيانًا تلك هي الحياة الز و جية بالفعل، ليست الحياة الاولى التي كانت تعيشها، مازال يعشق حُسنة مازالت بداخله


و على ما يبدو أنها لن تخرج الإ بخروج روحه من جـ سـده، جلس في شرفة حجرته يطالع حركة النجوم الإبتسامة الخفيفة التي تزين ثغره تعلمها ز وجته جيدًا، هو الآن يفكر فيها يريدها تحديدًا بعد إنفصالها عن ز و جها، ولجت الشرفة و بين يدها قدحان من القهوة وضعتهما على سطح المنضدة الزجاجي و هي تقول:


– اتجوزها يا عُمر ا تجوزها و حقق حلمك اللي بتحلم بي بقالك كتير


استدار بجـ سـده لها و هو يقول بنبرة حانية


– لساتك بتفكري في الموضوع ديه يا شمس ؟!


تابع بنبرة صادقة و هو يتناول يد ها بين كفيه و قال:


– و الله العظيم أني ما ها ينفع اعمل كِده مع الإنسانة نورت لي حياتي


تحـ ـسس باطنها المنتفخة إثر الحمل و قال:


– و أم ولي العهد شِبل الصغير


ردت شمس بقهر قائلة:


– بس أنت لسه بتحبها يا عُمر تنكر دا ؟


أومأ برأسه علامة النفي و قال بكل صدق


– لا، بس قمان مجدرش انكر حبك ليا و ادوس عليه كيف الحمـ ـار كل حاچة بتاخد وجت و أنتِ صبرتي كاتير كملي چميلك معاي للآخر


ردت شمس بنبرة ناعمة قائلة:


– حاضر يا عُمر هافضل معاك للآخر


ابتسم ملء شدقيه و قال:


– يحضر لك الخير يا أم شِبل يا بلاص العسل أنتِ


تذمرت لمغازلته تلك التي تبغضها و هو يتعمد إغاظتها ضحك على ملامحها المغتاظة و قال و هو يداعب خديها


– اضحكِ كِده بلاش التكشيرة دي يا أم شِبل


ردت شمس قائلة بتساؤل:


– لسه بردو عاوز تسمي شِبل ؟!!


– ايوه عشان يبجى هذا الشبل من ذاك الأسد


– يا سلام يا أسد


– مش عاچبك و لا إيه ؟!


ردت بعناد و هي تقف عن مقعدها و تقول:


– لا مش عاجبني و اعمل حسابك أنا امه و أنا اللي بتعب يبقى أنا اللي اسمي


سار خلفها و قال بعدم اكتراث لما تخبره به و قال


– ابجي سمي اللي بعد كِده ديه خلاص نزل بإسمه شِبل عُمر الدهشوري


– لا


– و أني جلت ايوة


ردت بعناد طفولي قائلة:


– طب و الله ما انا ولدة الشهر دا ها


ضحك عُمر و قال بجدية مصطنعة


– ايوة ايوة عشان نبجي كيف الچاموسة و تبجـ…


كاد أن يُكمل مشاكسته لكنها لم تتركه في حاله و حاولت ضربه بكل ما أوتيت من قوة، احتوها بين ذراعيه مقيدًا حركتها، طبع على خدها قـ بلة عميقة و قال بسعادة حقيقية استشعرتها من بين طيات حديثه


– و الله ليا كاتير مضحكتش من جلبي كِده، ربنا يخليكِ ليا يا سبب فرحتي و سعادتي


وضع يد ه على باطنها و قال


– و يچيب شِبل بالسلامة


توسدت صـ دره برأسها و قالت و هي مغمضة العينين


– و يخليك ليا يا عُمر و تنور حياتي دايمًا


❈-❈-❈


بعد مرور يومان


ولجت وجيدة و لأول مرة منذ ز واجها منزل حسان لم تعد تعرف ماذا تقول له أبي أم جدي


المواجهة و لا أي شئ بديل سواها بعد اليوم، جلست و انتظرت مجيئ عُمر الذي ذهب إلى القاهرة منذ يومين لمقابلة حُسنة، كانت جالسة على المقعد تمتم بكلماتٍ خافتة، حتى أتى بشار


جلس جوارها و قال بهدوء:


– عُمر لساته برا ؟


– ايوه


– فين چدك ؟


ردت ساخرة و قالت


– جصدك ابوي ؟!


سألها بشار بهدوء قائلًا :


– ناوية على إيه يا وچيدة ؟


ردت وجيدة بإبتسامة ماكرة و قالت بشرود


-كل خير يا واد اخوي كل خير


ولج حسان من باب المنزل و الإبتسامة الخبيثة تزين ثغره قال بترحاب شديد


-يا مرحب يا مرحب الحبايب كلهم اهني منورين يا ولاد


وقفت وجيدة تبعها بشار، ابتسمت له و قالت بهدوء مريب


– ديه نورك يا بوي


رد حسان بنبرة حانية


– طالعة من خشمك كيف السكر، كنت مستنيكِ ليا كاتير جوي يا وچيدة


جلست من جديد و قالت:


– كل آذان و له وجته يا بوي


تابعت بتساؤل قائلة:


– جل لي لياتك بتحرب ورا حُسنة ليه ؟


– ملكيش صالح


– لا ليا ديه خيتي جصدي بت اخوي


– جلت لك اطلعي منيها الحكاية ديه


سأل بشار بعدم فهم و قال


– في إيه يا چماعة ؟ مالها حُسنة ؟


ردت وچيدة وقالت بنبرة غاضبة


– چدك بعت لها ناس يو لعوا في شجتها


رد بشار و قال بذهول


– أنتِ بتجولي إيه ؟ و ناس مين ديه اللي راحت ؟


اجابته وجيدة قائلة:


– بعت لها رچالة سرجوا منها دهابتها و فلوسها و بهدلوا أمها العاچزة و ياريت وجف لحد كِده و بس ديه سلط اتباعه يولعوا في الشجة و كل اللي كانوا فيها ماتوا


اتسعت أعين بشار و قال بخوف و قلق


– طب و حُسنة چرا لها إيه ؟


ردت وجيدة قائلة بهدوء


– حُسنة و ابن اختها بخير و ديه لأنهم كانوا عند الداكتور لو كانوا في البيت كان زمانهم راحوا و ياه اللي راحوا


– أنتِ بتجولي إيه ؟ و عُمر هناك بيعمل إيه ؟ هو السبب في ديه ؟! ما تفهموني في إيه بالظبط ؟!


ردت وجيدة قائلة بهدوئه الذي لم يتغير حتى هذه اللحظة و قالت:


– عُمر راح ياخد عقد نص الدار بتاع چدك سالم


وقف بشار عن مقعده و قال بغضبٍ جم


– دار إيه و عقد إيه اللي بتتكلمي عنيه أنتِ خابرة بتجولي إيه !!


ابتسم حسان و قال و لأول مرة ليعلن عن وجوده


– لو حد تاني حكى لي إن أنتِ وچيدة بتي مكنتش صدجت خابر إنك دريتي بكل حاچة بس مكنتش متوقع تبجي كيفي كِده، ذريتي كان لازم تتسلم مني العهد


هدر بشار و قال


– عهد إيه اللي بتتحدوا عنيه ديه ؟!


نظر له الجد حسان و قال


– عهدنا يا بشار عهدنا اللي أنت خنته و شردت عننا و اني جلت و ماله خلي ياواد يشج طريجه ما هو لساته شاب و رايد يفرح بالدنيا كيف العيال الصغيرة


سألها بشار بدهشة و ذهول شديدان


– أنتِ بجيتي وياهم يا وچيدة ؟ ردي عليّ


أجابه عُمر و يلج من البوابة الداخلية و قال


– سيبك من وچيدة و جل لي يا بشار، كيف جادر تضحك علينا كلنا كِده كيف جادر تكون بالوشين كيف جادر تبجى الخير و الشر وياي بعض


استدار بشار و قال بتساؤل


-جصدك إيه ؟


رد عُمر و قال بنبرة غاضبة


– جصدي إن أنت لساتك وياه چدك حسان و بترسم على چدك سالم لساتك بتحرب ورا حُسنة و إن اللي حُصُل ديه كلته من تحت راسك


هدر بشار بنبرة مر تفعة و عدم استيعاب قائلًا


– أنت بتجول إيه !! مين يا أبو مخ تخين جال الحديت العفش ديه ؟!


وقفت وجيدة عن مقعدها و قالت بنبرة حادة و هي تتجه نحو الدرج


– بشار مظلوم يا عُمر اللي عمل كِده حسان


رد عُمر و قال بصوت مرتفع


– و هو ساعده على كِده


– ابدًا و الله العظيم ما حُصُل


تابع بشار و هو يطرق بأنامله على رأس عمر و قال


– يا واد فكر بديه مرة في حياتك، أني بعدت عن كل الجرف ديه و ماشي بما يرضي الله إيه اللي هايخلينا ارچع له تاني ؟!


رد عُمر و قال


– عشان ما بيعيش لك عيال يا بشار رايد تچدد العهد عشان مرتك تحبل و تخلف صُح و لا أني غلطان


رد بشار بنبرة تملؤها الصدق


– غلطان يا واد عمي أني حد الله بيني و بين الحرام بكل أنواعه و إن كان على العيال طالما ربنا كاتب لي اخلف هاخلف غصب عن الكل و لو مش رايد يبجى خلاص و لو مين بالذي ما هيعرفش يعملها


وقفت وجيدة عند سلالم الدرج الأخير و قالت


– الصُح بيجول إن الچزاء من چنس العمل و حسان عمل كاتير و لساته ناوي يعمل أكتر و عشان كِده الأوضة دي لازم تو لع باللي فيها و هو جواها


وقف الجد حسان عن مقعده و قال بصراخ كالمجذوب


– اوعاكِ تعملي كِده يا وچيدة كِده بتفتحي طاجة چهنم الحمرا يا بتي


هرع بشار و عُمر في محاولة منهما لمنع وجيدة التي لا تعرف فادحة ما تفعله و لا النتائج المترتبة على فعل ذلك، خرجت شمس من غرفتها و قالت بعدم فهم


– في إيه يا جماعة مالكم واقفين كدا ليه ؟


تابعت بدهشة


– عُمر أنت رجعت إمتى ؟!


حاول بشار فك يد وجيدة المقبضة على الثقاب و البنزين لكنه لم يفلح، زجرخا بنظراتٍ غاضبة و قال


– سيبي يا وچيدة اللي بتعملي ديه أكبر غلط و لو على الحرج ميبجاش كِده سيبي بجول لك


– لا يا بشار مش هاسيب أنت مش حاسس بالنا ر اللي چوا جلبي من اللي عِمله فيا حسان سبني خليني احرج جلبه كيف حرج جلبي على حياتي


رد بشار و هو يكز على أسنانه و محاولاته في فك يدها لا تتوقف ابدًا


– سيبي بجى يا وچيدة جلت لك كِده أكبر غلط


حاول عُمر أن يتتدخل و هو يقول بغضبٍ جم


– لساتك معاه يا بشار لساتك شغال في السحر و الشعوذة كيف ما جلت أني بنفس اللي هاحرجها


ترك بشار يد وجيدة و قال و هو يدفع عُمر في كتفيه للخلف


– يا عم اهمد بجى


لم يكمل حديثه بسبب قوة دفعته لابن عمه و صديق عمره الذي سقط للتو على سلالم الدرج ظل يتدحرج حتى وصل إلى الدرجة الاولى، ارتطد مت


رأسه بطرف السور الحديدي، هرع بشار نحو عُمر و رفع رأسه عن الأرض و قال بتوسل


– احب على يدك جوم يا عُمر، جوم يا واد هي أول مرة نتعارك ويا بعضنا ؟


هرع الجد حسان نحو حفيده، جثا على ركبته ثم جذبه بيده المجعدتان و قال بنبرة مرتعشة


– جوم يا عُمر جوم يا ولدي، جوم احب على يدك


مازالت شمس واقفة محلها و الصدمة و الذهول يسيطران على ملامحها، بينما كانت وجيدة تتابع ما تفعله، ظلت تنثر قطرات البنزين على كل أرجاء الغرفة، دموعها تتساقط و لسانها لا يتوقف بالسب و القصف في والدها و كل من تبعه، وصل لأنف الجد حسان رائحة


الاشتعال تجاوز جـ سد عُمر و صعد سلالم الدرج بخطواتٍ مرتعشة، و قبل أن يصل إلى باب الغرفة، وجد الباب يوصد بشكل تلقائي


ووجيدة بالداخل، استدار تجاه الباب لتجد أشباح تتحرك في المكان، ظلت تردد ما تيسر من القرآن و دموعها تنساب على خديها، نظر الجد حسان لحفيده بشار و قال بصراخ


– الحجني يا بشار بتي هتروحي مني الحجني ياولدي احب على يدك


نظر بشار لجده ثم نظر لصديق عمره و قال بنبرة متحشرجة إثر البكاء


– جوم يا صاحبي جوم يا حبيبي، جوم حط يدك في يدي و نبني من چديد كيف ما كنت رايد جوم يا حبيبي و الله أني مظلوم يشهد عليّ ربنا يا حبيبي إني تُبت عن الطريج ديه


جوم عشان تربي ولدك كيف ما بتحلم


❈-❈-❈


بعد مرور يومين


في المشفى بالقاهرة


وقف زين أمام حُسنة و يده داخل سرواله


يشيح ببصره يمينًا و يسارًا و هو يقول بمرارة في حلقه


– كنت فاهم إني ظلمتك و إنك لسه فعلًا بتحبيني زي ما بتقولي لكن بعد اللي عرفته اتأكدت إنك بتروحي للي يدفع أكتر


سألته حُسنة بنبرة مستفسرة قائلة:


– و إيه بقى اللي أنت عرفته عني ؟


زفر ضاحكًا و قال بمرارة:


– كتير اوي يا حُسنة كتير مصايبك طلعت كتير جدًا بعتي نفسك لـ عمر و ليا و ما خفي كان اعظم


– بجد و الله ؟ و مين بقى فهمك إني


ر خيـ صة و ببيع نفسي ؟


– سيبك من اللي قال لي و خلينا في كشف حساب المستشفي دا عُمر يدفعه بأي وجه حق ؟


جذبته من يد ه و قالت بنبرة مغتاظة قائلة:


– و أنت مالك يدفعه ليه و عشان مين ؟ أنت كان ممكن تسألني سؤالك دا لو لسه على ذمتك و كان من حقك وقتها تعرف كل حاجة لكن دلوقت لأ و مليون لا عشان لا بقيت أنا مراتك و لا على مكتوبة على اسمك عُمر يدفع لي ابيع نفسي كل ما دا ملكش في.

يتبع الفصل التاسع عشر