روايه قلبي موجوع الفصل الثالث 3 بقلم نجلاء لطفي

 


روايه قلبي  موجوع 

الفصل الثالث 3

بقلم نجلاء لطفي 

، نعم كان هناك جزء من روحي مكسور ، كنت أشعر دائما بالدونية وأتملق الجميع خوفا من طردي من العمل، كنت أتحمل إهانات وتكبر وغرور من كثيرات ثم أتقبل منهن الإكرامية وأنا مبتسمة وممتنة. كم كنت أتمنى أن أكون مثل حياة معتزة بنفسي وأقول لهن:

-أنا إنسانة زيكم وظروفي هي اللي خلتني أشتغل الشغلانة دي وزي ما أنا محتاجة لكم انتم كمان محتاجين لي فبلاش تكبر وغرور

لكن ظلت الكلمات حتى الآن حبيسة صدري ولا أجرؤ على البوح بها.

استطاع حسن أن يجد عملا بسهولة في محل قريب من الجامعة براتب جيد فكفت والدتي عن العمل في البيوت ، وكانت إحدى السيدات اللاتي تعمل لديهن تمتلك ماكينة خياطة قديمة لا تحتاجها وتفكر في التخلص منها فاستأذنتها والدتي أن تأخذها فوافقت ، فقررت أمي أن تعود لممارسة هوايتها وتحيك الملابس لنا ولمن يرغب. بمجرد أن عرفت الجارات بذلك أرسلن لها بعض الملابس القديمة لإصلاحها فأعادتها لهم جديدة تماما ، لكن حياة كانت تتذمر دائما وتقول لها:

- الجهد اللي بتعمليه في تصليح القديم أد جهد تفصيل الجديد

-يابنتي لسه محدش يعرفنا غير جيراننا القدام ولازم نعمل لنا إسم الأول

-خليكي انتي وبنتك دايما مطاطين راسكم ومركبين اللي يسوى واللي مايسواش علينا

- انا مش فاهمة انتي مغرورة على إيه ؟ لو على الحلاوة الحلوين بالكوم، لكن لامال ولا عيلة ولا نفوذ نافشة ريشك ليه؟ عيشي عيشة أهلك

-انسي أنا هاعيش في دنيا تانية بعيد عنكم دنيا انتم بتحبوا تبقوا خدامين فيها لكن أنا هابقى هانم فيها

-يا خوفي لتقعي على جدور رقبتك من كتر أحلامك

- متخافيش عليه انا عارفه باعمل ايه

حاول حسن الإعتراض على عمل أمي بالخياطة لكنها أصرت وقالت له:

- يابني انا مش واخدة على قعدة البيت والفراغ ممكن يموتني لكن الخياطة حاجه بحبها وأتسلى بيها وأهو نواية تسند الزير

-مش عاوزك تتعبي يا أمي كفاية كدة

-مش هاتعب وأهي حياة معايا

فقالت حياة:

-عايزاني معاكي يبقى بالنص والزباين اللي أنا أجيبهم تاخدي الربع

فهتف حسن غاضبا:

-يا واطية بتعملي بيزنس على أمك بدل ما تساعديها؟

_ البيزنس مافيهوش امك وابوك

فقالت أمي:

-خلاص موافقة واهي ترحمني من مصاريف اللبس والخروج كل شوية

فقال حسن:

-يا أم حسن دلعك ده هيبوظها

-يابني خليها تعيش لها يومين من نفسها

خف الحمل عني قليلا لكني بقيت أعمل كما اعتدت وأصبحت أدخر جزءا أكبر من راتبي للزمن أو كما تقول أمي (لجهازي لما اتجوز) لكن يبدو أن الزواج مازال حلما بعيدا فمن يقبل بمثلي تعمل لتنفق على أهلها وكل وقتها للعمل فقط.بدأت أهتم بملابسي وزينتي قليلا وخاصة عندما صرت مسئولة عن المحل في غياب مدام كوثر وحلمت أن أمتلك يوما مركزا للتجميل على أعلى مستوى وبه چيم للسيدات أيضاً ، كنت أعلم أن تكلفة ذلك باهظة لكن الأحلام لا تعرف المستحيل.

عملت حياة مع أمي وكانت تأخذ نصف المبلغ وتدخره فلم تساهم مثلنا في مصاريف البيت بحجة أنها تدخر مالا لتلتحق بمعهد السياحة والفنادق حتى لا تظل مجرد حاصلة على الدبلوم فتتعلم وفي نفس الوقت تعفينا من مصروفات تعليمها.

مرت السنوات وتخرج أخي من الجامعة وجاءته فرصة للسفر للخليج لتحقيق أحلامه وليجمع مبلغا ليستطيع الزواج به ، فعاد الحمل من جديد ليقع على أكتافي لكنه كان اقل من ذي قبل بسبب عمل أمي وسفر حسن ومساهمته معنا بمبلغ صغير كل شهر لكنه كان أفضل من لا شيء، كما أن حياة التحقت بالمعهد ورغم تكاليفه وتكاليف مواصلاتها إلا أنها كانت تعوض ذلك من تفصيلها لفساتين زميلاتها بمبالغ باهظة وبعملها في الصيف.

مرضت أمي وقل عملها وتبقى لحياة عام واحد على التخرج فقالت لي أمي:

-يابنتي انتي شيلتي معايا الهم من صغرك ودلوقتي كبرتي واخوكي شاف حياته ونسينا واختك قربت تتخرج وتشيل هم نفسها وانا خلاص هاموت

-بعيد الشر عنك

-لا شر ولا حاجه ده قضاء ربنا وكلنا هنموت بس أنا خايفة أموت وأسيبك في الدنيا لوحدك عشان كده اتفقت مع خالتك تجوزك أشرف لا انتي هتلاقي أحسن منه ولا هو هيلاقي احسن منك عارفين بعض وظروف بعض وزي بعض في كل حاجة قلتي ايه؟

-بس ياماما اشرف ده زي اخويا

-اسمعي كلامي مش هتلاقي أحسن منه أدب وأخلاق وهيصونك ويصون أختك

-ياماما انا...

-لو ما اتجوزتيش أشرف هاموت وأنا غضبانه عليكي ده أخر كلام عندي

-اللي تشوفيه يا ماما

تمت الخطبة خلال عدة أيام وتولت خالتي إعداد شقة الزوجية التي سنعيش فيها بما يناسب إمكانياتهم ، وكان أشرف قد عمل في إحدى شركات أقارب والده كمحاسب براتب جيد وقد خطبت له خالتي من قبل عدة فتيات ولكن الخطبة لم تكتمل ولم أسأل عن السبب إنما سمعت من أمي أن الفتيات إما يشكون من تسلط خالتي وضعف أشرف أمامها ، وأحيانا ينهي أشرف الخطبة بلا سبب وتطاوعه خالتي، حتى اتفقت هي وأمي أننا الأنسب لبعض ورغم أن ذلك لم يكن حقيقيا إلا أننا لم يكن أمامنا مجالا للرفض فكلتاهما مصممة على رأيها.

بعد الخطبة بشهرين توفيت والدتي فكان علينا أن نؤجل الزواج حتى تنهي حياة عامها الدراسي الأخير فحمدت الله على ذلك رغم شدة حزني على أمي التي كانت لي سندا وعونا على مصاعب الحياة ، وكانت الحضن الذي يهون علي كل سخافاتها، وكانت من يؤنسني في هذا العالم المتوحش ، والأن تركتني وحدي أجابهه وهي تظن أن وجود أشرف معي سوف يهون تلك الحياة علي، ولم تكن تدري أنها أصافت لهمومي هما جديدا.

لم تكن فترة خطبتنا شيئا ممتعا كخطبة كل الفتيات إنما وضعت إطاراً مختلفا لعلاقتنا التي لم تختلف عن ذي قبل فلم نشعر أن مشاعرنا اختلفت أو حدث شئ ليجذبنا لبعضنا لنحيا معا كزوجين،لم تكن هناك أية دلائل تشير إلى نجاح هذا الزواج حتى أن حياة كانت تلقب أشرف (المدهول ) لأنه لم يكن يعرف كيف يتكلم أو يتعامل مع النساء.

أنهت حياة عامها الدراسي الأخير وسافرت للعمل في إحدى قرى شرم الشيخ السياحية رغم معارضتي الشديدة وخوفي عليها إلا أنها لم تبالي إنما قالت لي:

-سيبوني بقى أطلع على وش الدنيا وأشوف الناس اللي عايشة وأعيش زيهم في نضافة

-يابت أنا خايفة عليكي طموحك الزايد ده وتهورك هيضيعوكي

-قولي إنك غيرانه لأبقى أحسن منك، وأوعدك إنه هيحصل

-ربنا يسعدك ويكتب لك الخير كله ويكفيكي شر نفسك وشر المؤذيين

سافرت حياة ولم تعد أمامي حجة لتأجيل الزواج بعد ذلك خاصة مع إلحاح خالتي ورغبتها في أن تفرح بنا. استجبت لرغبتها وتزوجت أشرف بدون حضور أخي بسبب انشغاله بعمله ، ولا أختي التي لا تهتم إلا بنفسها وخافت أن تطلب أجازة وهي مازالت حديثة ث العمل فيتخلصوا منها والعمل هذا كل حياتها، عندها أيقنت أن علي أن أمضي في حياتي وحدي بلا انتظار لاهتمام أحد.

تم الزواج في حفل صغير ضم الجيران وبعض أقارب والد أشرف وخالتي تكاد تطير فرحا، وبعد انتهاء الحفل توجهنا لشقتنا ورغم اعتيادي على أشرف إلا أني شعرت ببعض الخوف فأنا رغم وجودي في سوق العمل مبكرا فلم تكن لي أية علاقة بأي رجل ولم يلمسني رجل سوى بعض التحرشات الجسدية التي تتعرض لها كل النساء في غ ووسائل المواصلات باعتبار أن جسدها مباح للجميع.

دخلت حجرتي وجلست على طرف السرير ودخل أشرف بعد عدة دقائق مرتبكا وجلس أمامي على الكرسي وعمنا الصمت لدقائق ثم قال أشرف مرتبكا:

-إلهام إحنا مش غرب عن بعض وطول عمري باعزك وباقدرك عشان كده عايز اعترفلك بحاجه

رفعت رأسي إليه وقلت:

-قول يا أشرف فيه إيه؟

-أنا ... أنا..ما أقدرش أكون زوج ليكي ولا لغيرك انا...عاجز

                     الفصل الرابع من هنا 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-